التواضع في اللباس يكون في

التواضع في اللباس يكون في لبس ما تيسر من اللباس .
يظن البعض أن التواضع في اللباس يعني أن يكون اللباس رخيص الثمن أو يعني أن يذهب إلى مبدأ التقشف، وظنوا أيضًا أن هذا ما يأمر به الإسلام واعتبروا في تأديتهم لذلك أنهم يطبقون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستشهدوا بحديث الرسول الكريم عندما قال: ( البذاذة من الإيمان)، وقد قال سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه أيضًا: (حج النبي صلى الله عليه وسلم على رحل رث وقطيفة تساوي أربعة دراهم أو لا تساوي ثم قال: اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة).

تعاليم الإسلام للتواضع في اللباس

  • نظافة الثياب.
  • عدم التكلف.

لكي يكون الأمر أكثر وضوحًا يجب أن نوضح بعض الملاحظات التي نص عليها الإسلام في مسألة التواضع في الثياب، وأولها ما يلي:
نظافة الثياب: وهذا الذي دعى إليه الإسلام في الأصل عن التواضع في ارتداء الثياب، وهذا في الأساس ما نص عليه الحديث الشريف وقول الصحابة وهذا ما قد رأوه بالفعل في ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى ذلك نحن نقتضي به، كما يجب أن تكون الثياب أنيقة بما يناسب المعقول والإمكانيات الخاصة بنا دون تكلف أو تعالي، وقد قال صاحب الشفاء في كتابة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يلبس ما يجده أمامه، وقال ابن القيم أيضًا: ( إن هديه صلى الله عليه وسلم في اللباس، أن يلبس ما تيسر من اللباس من الصوف تارة والقطن تارة والكتان تارة).
عدم التكلف: كان صلى الله عليه وسلم لا يقبل باللباس الأقل إذا وجد اللباس الأفضل، إلا إذا استدعى الأمر إلى ذلك، ولا ينص الإسلام على التكلف في الثياب وهذا لا يتناقض مع كون التواضع، بل ما ذهب إليه جمهور المسلمين اقتضاءًا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أنقى الثياب بالمستطاع أي ما يستطيع القدر تحمله دون أي تكلف سواء في الثمن أو في الشكل والمظهر، فأبسط الأمور أجملها، وقد قال زاد المعاد: ( دخل الصلت بن راشد على محمد بن سيرين، وعلى الصلت جبة صوف وإزار صوف، وعمامة صوف، اشمأز منه محمد، وقال: أظن أن أقواماً يلبسون الصوف ويقولون: قد لبسه عيسى ابن مريم، وقد حدثني من لا أتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد لبس الكتان والصوف والقطن، وسنة نبينا أحق أن تتبع).

أقوال العلماء عن التواضع في اللباس

  • القرطبي.
  • الطبري.
  • أبي أمامة.

كان للعلماء آراء في موضوع التواضع في اللباس، وما وجدوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قام تميم الداري بشراء حُلة بألف دينار لكي يُصلي فيها، وكان مالك بن دينار يقوم بلبس الثياب العدنية الجياد، أما عن ثوب الأمام أحمد بن حنبل فكان يقوم بشرائه بدينار واحد لا غير، هذا كله لا يحث بالطبع على أنه يجب على الناس أن تلبس الخشن والصوف، بل يجب أن يكون هناك نوع من التواضع ممزوج بالرقي والإحسان في اللباس والعناية بالنفس، وذلك ما سوف نوضحه من أقوال العلماء فيما يلي:
قال القرطبي: (روي عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، شيخ مالك، رضي الله عنهم أنه كان يلبس كساء خز بخمسين ديناراً، يلبسه في الشتاء، فإذا كان في الصيف تصدق به، أو باعه فتصدق بثمنه.

وكان يلبس في الصيف ثوبين من متاع مصر منشقين ويقول:
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ).
قال الطبري: (ولقد أخطأ من آثر لباس الشعر والصوف على لباس القطن والكتان مع وجود السبيل إليه من حله).
قال أبي أمامة: (ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً عنده الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسمعون، ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان، يعني التقحل)،
والبذاذة هنا تعني الرثاثة في الهيئة، وترك الزينة في اللباس،
أو التواضع وليس التقشف الذي يدعي إلى مكروه اللباس.

حكم لبس الثوب الأبيض للرجل

من خلال اتفاق العلماء، دل الأمر على استحباب لبس الثوب الأبيض للرجل، بما أنه يتم لبسه في أعظم شعيرة من شعائر الله وهي الحج فالبس الإحرام يكون ذو لونًا أبيض، وبالتالي نجد أن المسلمين يحبون هذا اللون ويتم ارتداءه دائمًا في المناسك الدينية مثل تأدية صلاة الجمعة، كما ان بعض الدول تقوم بلبس الجلباب الأبيض للراجل في الأعراس وما شابه، وقد رويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خيركم ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم)، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم في رواية آخرى عن النسائي والترمذي: (البسوا ثياب البياض، فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم)، كما قال الشوكني رحمه الله: (وأما كونه أطيب، فظاهر، وأما كونه أطهر، فلأن أدنى شيء يقع عليه يظهر، فيغسل إذا كان من جنس النجاسة، فيكون نقياً، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في دعائه ونقني من الخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس)، وقد تم نقل هذا الحديث عن استحباب لبس الثوب الأبيض للرجل عن عمر رضي الله عنه وخاصًة لقارئ القرآن، إلا أن ذهب بعض الفقهاء إلى استحباب اللون الأخضر أيضًا لأنه من لباس أهل الجنة كما تم ذكر اللون الأخضر في مواضع كثيرة من القرآن الكريم فقال تعالى في سورة الإنسان: (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً).
ولقد قال أبي رمثة في حديث رواه الترمذي فقال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بردان أخضران)، كما قال سيدنا أني بن مالك رضي الله عنه وأرضاه أن أحب الألوان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخُضرة، كما استحب أيضًا لبس المحبرة وهي عبارة عن ثياب مصنوعة من الكتان أو القطن المزين والمزين هنا تعني المُحسن وليس المزين بالزينة، وقد قال أبي قتادة في حديث رواه عن البخاري ومسلم فقال: ( قلت لأنس بن مالك أي اللباس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أعجب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: الحبرة)، كما قالت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها:
(كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص.
رواه أبو داود والترمذي،
ووجه استحبابه، لأنه أمكن في الستر من الرداء والإزار)، ومع كل تلك الأقاويل كان قول الله تعالى في كتابه الكريم
في سورة البقرة عن استحباب ووجوب لبس ما يهويك من الثياب:
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)،ولكن مع تجنب
ببعض الثياب وذلك لما يخص الرجل، وهي ما يلي:
  • عدم لبس الحرير للرجال.
  • و عدم لبس الثياب التي بها صور من ذوات الأرواح.
  • عدم لبس ما يشف أو يصف عورة الرجل.
  • و عدم لبس الثياب الشبيه بثياب النساء.
  • عدم لبس الثياب التي فيها تشبه بالكفار.