كثيراً ما نسمع قصصاً عن أطفال ولدوا وهم يعانون من الشلل الدماغي
أو أنهم أصيبوا به بعد ولادتهم بفترة قصيرة.


وبما أن هذا الشهر هو شهر التوعية بالشلل الدماغي، سأتحدث عن هذه الحالة الصحية
التي ترافق الطفل طوال حياته وتسبب له الكثير من المشاكل الحركية والصحية
وتضع الأهل أمام الكثير من التحديات مع طفلهم المصاب،
ما هي أعراضها وكيف يمكن تشخيصها والتعامل معها.

ما هو الشلل الدماغي

هو حالة صحية مزمنة تصيب الأطفال في السنوات الأولى من حياتهم، وهي غير معدية ولا تهدد حياة المصابين بها ويمكن السيطرة عليها، وهي تحدث نتيجة ضرر يصيب أي منطقة من مناطق الدماغ لأسباب كثيرة ومتعددة.

تحدث هذه الإصابة قبل الولادة أثناء فترة الحمل أو أثناء الولادة،

أو بعد الولادة خلال السنوات الأولى من عمر الطفل،

وتشمل الأعراض المبكرة صعوبة في قدرة الطفل

على القيام بأمور نمائية أساسية مثل الجلوس والزحف والمشي،

وقد تختلف حدة هذه الأعراض من طفل لآخر،

كما يمكن أن تؤدي إلى مشاكل صحية أخرى

تشمل البصر والسمع والكلام وصعوبات التعلم.

أنواع الشلل الدماغي

صنف الشلل الدماغي إلى عدة أنواع اعتماداً على المناطق المتأثرة

  • من الدماغ ومشاكل الحركة الناتجة عنه، فما هي أنواع الشلل الدماغي المختلفة؟
  1. الشللالدماغيالتشنجي: ويعاني المصاب به من تشنج في العضلات وعدم وصول الرسائل من الدماغ إلى الجسم.
  2. الشلل الدماغي مختل الحركة: يعاني المصاب به من الحركات اللاإرادية في أماكن مختلفة من الجسم.
  3. الشلل الدماغي الترنحي: يعاني المصاب به من اهتزازات غير مستقرة ومشاكل في التوازن.
  4. الشللالدماغيالمختلط: يعاني المصاب به من إصابة أكثر من منطقة في الدماغ وأعراضه مزيج مما سبق.

الشلل الدماغي قد يؤثر على كامل الجسم ويسمى في هذه الحالة شلل دماغي رباعي،

وقد يؤثر على جزء واحد مثل ذراع أو ساق واحدة،

وفي هذه الحالة يسمى شلل دماغي أحادي.
وقد يؤثر أيضاً على جهة واحدة من الجسم ويسمى شلل دماغي نصفي،

أو على الأطراف السفلية من الجسم ويسمى شلل ربعي أو شلل الأطراف السفلية.

علاقة التوتر العضلي بالشلل الدماغي

كثيراً ما نسمع عبارة “عنده شد” أو “عنده رخاوة”، بشكل عام للتوتر العضلي حالتين:

حالة الشد وتعتبر زيادة في التوتر العضلي

وأثرها يكون على شكل تيبس في الأطراف وتشنجات وصعوبة في الحركة، وحالة الارتخاء وتكون نتيجة نقص توتر العضلات وأثرها يكون على شكل

ارتخاء في الأطراف والشعور بعدم الاستقرار والتوازن في الجسم وصعوبة في الانتصاب والوقوف.
يعتمد تصنيف أنواع الشلل الدماغي على مدى تأثير إصابة الدماغ

في توتر العضلة وكذلك يختلف العلاج والتعاطي مع الحالة بناءً على ذلك.

تشخيص الشلل الدماغي

الشلل الدماغي حالة صحية معقدة وتشخيصه ليس بالعملية السهلة.

قد يشتبه الأطباء في إصابة الطفل بالشلل الدماغي إذا كان يعاني من بطء في النمو الحركي،

أو لديه توتر عضلي (سواء شد أو ارتخاء)، أو تظهر عليه أعراض غير معتادة،

ويتم التأكد من الإصابة عن طريق صورة الرنين المغناطيسي للدماغ

التي توضح المناطق المتضررة بالإضافة إلى متابعة التطور الحركي للطفل

في الثلاثة أشهر الأولى وأحيانا يستغرق التشخيص وقتاً أطول من ذلك.

أهمية التدخل المبكر والعلاج الطبيعي

أول خطوة بعد الاشتباه هي التدخل المبكر حتى لو لم يتم تأكيد التشخيص،

لأن الاكتشاف والتدخل المبكر للحالة يمكن الطفل

من العيش بإمكانات كاملة. وعادة ما يتم البدء بخدمات العلاج الطبيعي كإجراء أولي.
يعد العلاج الطبيعي جزءاً مهماً من التدخل المبكر، فهو ينمي المهارات الحركية لدى الطفل حسب سلم التطور النمائي (التحكم بالرأس، الجلوس، الحبي، الوقوف، المشي)،

ويساعد في المحافظة على مرونة المفاصل وتحريكها وبالتالي منعها من التشوه، وتقوية العضلات الضعيفة

مع اختيار الأدوات المساعدة والمناسبة للحالة مثل الكرسي المتحرك

أو المشاية أو العكاز أو الجبائر.

ويعتمد العلاج الطبيعي على أساليب مختلفة تختلف حسب الحالة.
وتشمل تمارين العلاج الطبيعي بشكل عام:

  • تمارين التقوية والاستطالة والمرونة.
  • تمارين وظيفية
  • (استخدام أساليب معينة لتدريب الطفل على القيام بوظيفة معينة كالجلوس مثلاً)
  • العلاج بركوب الخيل.
  • والعلاج باستخدام البدلة الفضائية.
  • العلاج المائي.

بالإضافة إلى العلاج الطبيعي، سيحتاج الطفل أيضاً إلى المتابعة مع طبيب الدماغ والأعصاب، وأخصائي نفسي، وأخصائي علاج وظيفي، وأخصائي نطق ولغة،

ومعلم تربية خاصة، وقد تحتاجين إلى طلب استشارة أخصائيين

آخرين حسب حالة الطفل،

فمثلاً إذا كان لديك مشاكل في الأكل مع طفلك ستحتاجين

إلى الاستعانة بأخصائي تغذية، وإذا كان لدى طفلك مشكلة في النوم تستطيعين الاستعانة بأخصائي اضطرابات النوم.

  • هل سيتمكن الأطفال المصابين بالشلل الدماغي من المشي في المستقبل؟

ربما يكون هذا السؤال هو أكثر ما يؤرق معظم الأهالي ويقلقهم عند التشخيص،

هل سيتمكن طفلي من المشي والحركة؟ هل سيحتاج إلى المساعدة دائماً؟
الإجابة على هذه التساؤلات يحددها تقييم Gross Motor Classification system- GMCS،

بعد أن يبلغ الطفل عمر الخمس سنوات.

  • ويتكون هذا التقييم من خمسة مستويات:

المستوى الأول: يستطيع الطفل المشي في الداخل والخارج،

وصعود السلالم دون استخدام اليدين للدعم، ويمكنه أيضاً أداء الأنشطة المعتادة مثل الجري والقفز.
مشكلته فقط في بطء الحركة والتوازن والتنسيق.
المستوى الثاني: يستطيع الطفل المشي في الداخل والخارج،

وصعود السلالم بالاستناد على الدرابزين، ولديه صعوبة في المشي

على الأسطح غير المستوية أو المنحدرات،
ولديه الحد الأدنى من القدرة على الجري أو القفز.
المستوى الثالث: يمشي الطفل باستخدام أجهزة التنقل المساعدة في الداخل والخارج

وعلى الأسطح المستوية، وقد يكون قادراً على صعود السلالم باستخدام الدرابزين،

وقد يدفع كرسياً متحركاً يدوياً (قد يحتاج مساعدة

في المسافات الطويلة أو الأسطح غير المستوية).
المستوى الرابع: القدرة على المشي تكون محدودة للغاية حتى مع الأجهزة المساعدة، يستخدم الطفل الكرسي المتحرك الكهربائي

في معظم الأوقات وقد يدفع كرسيه المتحرك الكهربائي ويحاول التنقل من وضعية لأخرى.
المستوى الخامس: يكون لدى الطفل إعاقات جسدية تقيد التحكم الإرادي في الحركة والقدرة على الحفاظ على التوازن

في وضعية الرأس والرقبة.

لا يمكنه الجلوس أو الوقوف بشكل مستقل،

حتى مع المعدات المساعدة.

غالباً خلال رحلة العلاج يحتاج الطفل إلى استخدام أدوات ومعدات مناسبة، وأحيانا يكون احتياجه للأدوات المساعدة أمر دائم
مثل الكرسي المتحرك، والمشاية، والعكازات، وغيرها.
ختاماً أياً كانت درجة الإصابة وأياً كانت إمكانيات الطفل ستحتاجين عزيزتي الأم

الكثير من الصبر والمتابعة والالتزام ببرامج التأهيل لتتحسن حالة طفلك.